Thursday, June 5, 2008

السوفاج

السوفاج

سمعان الصغير يحب الناس......يحب اللعب .....يبحث عن الحريه في كلامه ....ملابسه.....دراسته.....او قات نومه....اوقات فراغه.....تسلق الجبال من هواياته.... كان يعشق المشي في البراري والجبال......

كانت مدينته مليئه بالغابات او البساتين الموحشه.....لكنها كانت جميله.......كان يحب السير فيها او انه كان يتحدى نفسه في الوصول اليها .....في الشتاء كان السير او حتى الوصول اليها صعب جداً....كان يستمتع بهذا التحدي.....

كثيرا ما كان يعترضه حراس البساتين.....او كلاب الحراسة الشرسه....او بعض الشباب المتوارين بين الاشجار لشرب الخمرة او المخدرات احيانا......تعود عليهم مع الوقت.....كما ان الحراس قد عرفوه واحبوه......تعلم الصيد منذ الصغر......كانت ضروة ملحه لسمعان الصغير.....لانها كانت طعامه الوحيد في تلك الغابات .....تعلم اين يجد الحطب الجاف في ايام الشتاء.....كيف يشعلها دون ان يحرق البساتين.......

كان يمضي النهار بكامله بين الاشجار او على الجبال او في الكهوف......كان يعشق هذه الاماكن ... كما لو انه كان ينتمي اليها.....لا يدري كيف او متى..... كان يشعر بالحنين اليها ....دون ان يكون له ماضي هناك او حتى ذكريات ....سمعان كان ياكل كل انواع الخضار التي تحتاج الى الطهي او لا تحتاج.....يذهب الى المزارع القريبه ....وهي كثيرة جداً....ياكل البطيخ....الكوسا....الباذنجان....الخيار....الفقوس....اي شيء يخرج من الارض......

المساء ياتي سريعا.....يعود الصغير الى بيته......التوبيخ بانتظاره.....من اخوته الكبار....امه ...ابوه.....احيانا يكون الضرب قاسي....سمعان لا يكترث...لان هذا الموضوع اصبح تقليدي بالنسبه له....كان الفرق بينه وبينهم اكبر من التخيلات.....كما لو انه قادم من كوكب آخر....لم يكن احد على استعداد ان ينزل الى عمره وان يعرف اسباب سعادته.....ربما انه قد خرج عن المألوف .....لانه كان على استعداد ان يدفع ثمن سعادته او حريته او نفسه......

لهذا السبب كان يجد في الضرب والتوبيخ شيء غير مفهموم…..لكنه مقبول…..

سمعان الصغير سمع اصوات مخيفه بين كومة من الاشجار….كانت قريبه من بناء قديم متهاوي ….سقفه منخفض…..كما لو انه من بقايا الاتراك……او الرومان …..او من بقايا جدار كان يلتف حول تلك المدينه في الزمن الغابر …..اصوات كما لو انه قد سمعها من قبل……لكنها مختلفه……فيها اشياء من اللا انسانيه او الحقد…او اللوم ربما ….التسائل…...او كما لو انها كانت اصوات استغاثه……اللغه لم تكن ذات معنى كبير ….لانها كانت تحاكي الشعور….سمعان ليس بحاجه الى قاموس ليترجم الاصوات التي سمعها.....اقترب سمعان اكثر …..انها اصوات كلاب…..لكن ….فيها الم محسوس……اصواتها كانت اعلى من المعتاد......فيها مرارة.....

انه حبس الكلاب..........

يا الله......يتركون الكلاب في هذه السجون الصغيرة ....دون طعام او شراب.....لكي تموت.......ان هذا السجن وعلى ما يبدو تابع لبلدية المدينه......

انها ليست من تصرفات الانسان....سمعان كان يحدث نفسه.......شعر بضيق في انفاسه من المنظر.....

حاول ان يفتح ابواب السجن......كانت اقرب من المستحيل......كما لو انها مغلقه للابد.......

احتار المسكين ......يريد ان يعمل شيء ......لا يريد لهذه المسرحيه ان تستمر......

سمعان فكر ...توصل الى الحل ....ربما يكون بطريقة الاطفال....لانه مازال كذلك......سمعان انطلق مثل البرق الى السوق.....دخل الى محلات بيع الدجاج.....اخذ ما يستطيع من بقايا الدجاج من تلك المحلات......عاد الى الحبس بسرعه البرق......اخذ يرمي بقطع الدجاج او بقاياها الى الكلاب.....من خلال الفتحات الكبيرة للقضبان الحديديه......الكلاب بدأت اصواتها بالارتفاع في البدايه.....لكن سرعان ما بدأت تلك الاصوات بالهدوء....

سمعان ذهب الى النهر القريب.....او الى الواد.....اسمه....عين نينه.....احضر الماء ....كان يضع الماء بعلب السمنه الفارغه....او في اي وعاء يجده امامه.....كان يربطه بحبل طويل ......يصعد فوق القضبان الحديديه......ينزله بهدور الى ارضيه الحبس......

الكلاب لم تعد تموت .....موظفي البلديه يتسائلون........لم يفهموا في الاسبوع الاول.........

عندما عادوا في الاسبوع القادم.....لان زياراتهم كانت مرة كل اسبوع......ازدادت شكوكهم.....بل اصبحوا متاكدين من وجود متطفل عليهم وعلى اعمالهم........اخبروا المسؤولين في البلديه.........احضروا قوة كمين على الموقع......

اختبؤا وراء جدار السور القديم......انتظروا.......جاء سمعان كالعادة .........يحمل بيديه كيس النايلون الممتليء ببقايا الدجاج .......امسكوه في لحظات.........اخذوه معاهم الى مركز الشرطة في المدينه.......

رآه الضابط المسؤول......نظر اليه وبدأ يضحك.......كان يتكلم ويخاطب موظفي البلدية.......

هل اعاقب هذا الولد.......لا يوجد قانون يعاقب الاولاد....

تركوه يذهب....لكنه لم يعد هناك بعدها مرة اخرى.................

No comments: