Wednesday, June 4, 2008

الأوتوستوب

الاوتوستوب......في تونس

جاء الصيف .....الصيف الطويل ....ربما كان الثالث او الرابع .....لم اتعود عليه بعد او انني لن استطيع ذلك ...لان اهل البلاد هناك لم يتعودوا عليه بعد.... ....قساوته لا يمكن التعود عليها........اصبحت اعشقه......او انني كنت احاول ان اتحدى نفسي .....كنت اسيح من شده الحر .....لكن هناك ما يبشر .....لمسات من الحريه التي ربما كانت مفقودة هي السبب ......اخذت القرار بالانطلاق او بما اسميته السفاري.....رحلة الجمال....ربما لانها تذكرني باجدادي او بتاريخي
كانت الطبيعه تتحدى الانسان او تعمل على قهره.....خطر على بالي مملكه سبارطه في هذا الموقف....كان اهل تلك المملكه يتركون الوليد يوما كاملا بعد ولادته في الثلج....البقاء للاصلح......ان كان قوي ...فانه سوف يتحمل ويعيش....لا حياه للضعفاء في تلك المملكه......
درجات الحراره الصحيحة لا يتم الاعلان عنها....خوفا على السياحه......كانت تتجاوز الخمسين في الظل......حبيبات الرمل في الصحراء تتراقص من شدة الحر ......السراب يترائى لكل الناس....في كل مكان اراه...هنا وهناك على اليمين وعلى اليسار.....
كانت مسافه طويله...طويله جدا ....ليس على الحافلات او على اللواج فقط....انما على من يبحث عن الاوتوستوب...ربما بسبب قله المال ...او بسبب المتعه ......او انها ربما كانت ....هروب .....هروب الى الصحراء.....الى السراب ....السراب الذي نستطيع ان نراه وليس السراب الموجود بين الناس ......سراب الطبيعه...كلامها ....مغازله الهواء الساخن في صحراء لا تعرف سوى القسوة.....الوحشه....كما لو انها تتحدى زائرها .....لكن هذا الزائر لم يقبل التحدي .....بل كان يوزع عليها البسمات ....ربما بسبب الجهل ....او لانها كانت ارحم عليه من غيرها....او لانه قد تعرف عليها.....غازلها.....تململت في البدايه .....ثم وافقت........
الصحراء تحب اللون الذهبي اللامع .....كما لو انها عروس.....وانا كنت العريس ......
كانت البدايه من الوسط...وسط البلاد على حدودها الشرقيه......توقف الزائر على طرف الطريق .....مد يده في الهواء الساخن....اصبع السبابه ممدود......يبحث عن مسافه 700 كيلو متر تقريباً دون ان يدفع قرشا واحدا .....انه الاوتوستوب ........
طال الوقت ......كان صباحا .....هروبا من الحر.......بعد ساعه من الزمن توقفت احدى السيارات من نوع بيجو قديمه جدا ......نظر اليها الزائر .....لا اعتقد انها تستطيع ان تصل الى هناك.....كان يتحدث الى نفسه.......لا يوجد بديل......الشارع الطويل لا اعتقد انه يتسع لاكثر من سيارة واحده ....عند الالتقاء مع سيارة اخرى ....يجب على احدهم ان ينزل عن الرصيف.....باتجاه واحد .....لا داعي للسؤال عن الوجهة لانها وجهه واحده فقط ....دخل الى السيارة ....عرف على نفسه وتعرف على السائق......اسمه السماوي.....من منطقه قريبه من سيدي بوزيد .... استطيع ان اصل الى نصف المسافه المقصودة تقريبا اذا وصلت الى هناك....الزائر كان يحدث نفسه....
الزائر تفائل بان مشوارة سيكون اسرع مما توقع.......لكن لماذا لم يستعمل وسائل النقل ........مع العلم انها زهيده الثمن...او انه يستطيع ان يستعملها دون ان يدفع....فقط بمجرد ان ينتظرها عندما تسير او ان تبتعد قليلا عن محطتها الاساسيه ....... في داخلها طبقات المجتمع المسحوقه او التي تتنفس من بقايا الناس.....تعيش على طريقتها لكي لا تموت ..... او لعل الله والعدم قد انساها العالم الخارجي.....لا يرون سوى انفسهم او انهم يتنكرون لمن لا يعيش على طريقتهم....لعلها من نعم الله عليهم....او انها من وسائل الدفاع عن النفس....بشكل طبيعي....سبحان الله.......كانوا يتجمعون داخل القطارات البائسه التي اعتقد انها من بقايا جيوش الحلفاء ...من الحرب العالميه الثانيه.....الابواب مفتوحه او مخلوعه.....لكي لا يختنقوا ....يدخلها الهواء الساخن بطريقه استفزازيه .....النوافذ غيرموجوده منذ زمن طويل....او انها كانت في الماضي موجوده.......كانوا يتجمعون في حلقات داخل القطار....دخان السجائر العربي تفوح في كل ارجاء القطار.....منهم من يلعب القمار بعلب الكبريت.......ومنهم من يلعب القمار بواسطه كروت اللعب......او بلعبات خاصه بهم تعتمد على الحجارة.....حاولت ان اتعلمها لكني لم افلح......لانهم كانوا سريعين جدا في اللعب.....كما لو انهم يمارسونها منذ الف عام او اكثر ...او انها جزء من حياتهم........شعرت ان الزمان قد توقف منذ زمن طويل جدا عند هؤلاء الناس .....او لعلهم مساجين.....لا لا لا اعتقد لان نفوسهم كانت تعانق السماء ...كما لو انهم صقور..على الرغم من قله الحال.....
رايت فيهم الرجال .....تعلمت منهم كيف يجب ان يكون الرجال.....لان عالمنا يختلف......عندهم قساوة الرجال.......وعندهم لطافه الرجال.....ينامون داخل القطارات بعد التعب......تراهم اسود قد تعبت .......تتفاخر بان العالم فيه رجال .....لاننا اعتقدنا انهم قد انقرضوا مثل الديناصور.....حاولت ان العب معاهم .....خساراتي كانت فادحه وسهله......تبسموا لي .....كانت بسماتهم جميله جدا....توقفت عن اللعب ....اكتفيت بالنظر.......حاولت ان اتكلم .....لا يريدون ....او ان طقوسهم في القطارات لا تسمح لهم بالحديث.....اللعب فقط .....النظرات كانت تكفي......لم اتصور.....لاننا اصبحنا اصدقاء دون ان نتكلم .....العيون فقط....كانت لغه جميله .....عرفوا انني عربي.....رايت ذلك في عيونهم.......كانوا مرتاحين لوجودي...كنت اسمعهم ينادون بعضهم ....العب يا الهادي.....العب يا محمد......العب يا القريني...
القطار كان يسير ببطء غير محتمل....انا غير متعود على ذلك....الناس كانوا هادئين ....او متعودين .....نستطيع خلال سير القطار ان ننزل ونقضي حاجتنا في الطريق ....ثم العوده من جديد الى القطار السريع....يا الهي.....

انطلقت السيارة ......بدأ الحديث ......يبدو ان السائق هو من كان يبحث عن رفيق ....يبحث عن انسان للحديث معه خلال الطريق.....لم يتحدث في السياسه.....ولا في الاقتصاد.....ولا في العلوم......ولا في الاجتماعيات .....
بدأ الحديث عن علاج البهائم........هل تعرف في علاجات البهائم......كان السائق يسئل......اجبته نعم.......وانا متردد....في الواقع عندي بعض المعلومات البسيطه حول الموضوع جمعتها في احد الايام من ابو البشير .....الذي كان يربي الحيوانات......جمعتها من صديقه ابو النمر.....كما ان عنتر له الفضل الكبير علي في تلك اللحظات......
كان ثلاثتهم يعملون في قصارة الآباراو يعملون في الدهان او انهم كانوا في بعض الاحيان مخاتير او احدهم كان كذلك...المهم ان الحديث معاهم للتعرف عن طبيعة مهنتهم ....يحتاج الى اكثر من شهر ......قصاره الابيار تعتبر مهنه قديمه جدا في بلادنا .....كنت اتردد عليهم للتسليه.....كانوا كبار في السن......ابو البشيرالمزواج... كان يتزوج كل شهر او شهرين تقريبا....يطلق امراة ويتزوج من الاخرى....اعتقد ان عدد زوجاته في ذلك الوقت كان قد زاد عن عدد اصابع اليدين والقدمين ....معظم حديثهم كان يدور عن البهائم .....كانوا يتفاخرون بعلاجها ........
بدأ الحديث مع السائق عن الماعز .....انا انطلقت بالحديث.......كنت سعيد بكلامي حول الموضوع.....لم اكن اعلم قبل هذا الوقت ان معلوماتي كانت لا باس بها في علاجات البهائم.......السائق كان يستمع الي كما لو انني كنت الخبير .....
قال لي ان شجر السرو الذي تتحدث عنه غير متواجد في منطقتنا.......لكنني اعرف واحه ليست بعيده جدا عن قريتنا يوجد فيها شجر السرو.......سوف اذهب الى هناك لكي احضر حبات السرو............
عندما كان يتكلم عن مرض معين عند الحيوانات وانا لا اعرفه او لا افهمه.....كنت اقول له لا تزعج نفسك بعلاج هذه الحاله.....اذبح الحيوان وارح نفسك والحيوان .......
سئلني عن بلادي .....سمع بكلمه القدس.......توقف عن السير لكي يستطيع البكاء.....كان يبكي مثل الاطفال.....تذكر الاسراء والمعراج.....ذكر حائط البراق.....المسجد الاقصى.....اليهود الملاعين ....اولاد الميته كما اسماهم.....
يقصد بذلك الجبناء.......
اقسم اغلظ الايمانات انني سوف انزل الى (ديارهم) منطقتهم او قريتهم او واحاتهم......حاولت ان اشرح له او ان اتهرب من دعوته ...او انني سوف ازوره في مشوار ثاني......لكني فشلت فشلا ذريعا.........
وصلت السيارة بعد اكثر من ثلاث او اربع ساعات من السير في تلك الطريق المهجورة... ربما لا ادري ..لان الوقت في تلك الرحلة لم يكن له معنى بالنسبه لي ....حيث انني نادرا ما رايت احد في الطريق .....كلما كانت السيارة تتجه الى الجنوب كانت الارض تتلون باللون الاصفر.....تختفي الجبال.....تختفي الخضرة ....تظهر الوحشه ....الفراغ......الحراره تزداد....التنفس يصبح اكثر صعوبه ....التعب الجسدي بسبب ارتفاع الحراره ...لكن الزيتون لم يختفي ابدا....كان رفيقنا طوال الطريق.....حتى في الصحراء ......
وصلنا الى ديارنا ....هكذا قال السائق.......نظرت الى اليمين والى الشمال ....لم ارى شيئاً.....انحرفت السيارة عن الشارع.....وانطلقت في وسط الصحراء.......مشينا نصف ساعه او ربما اكثر في عمق الصحراء.......وصلنا الى منطقه خضراء ....واحه
في وسط الصحراء......سبحان الله......الزيتون ....والاشجار المثمرة تلتف حول هذه الثلاث واحات ....كانت تبتعد الواحه عن الاخرى ....كيلو متر واحد فقط او اكثر قليلا.....لكننا كنا نستطيع ان نراها بالعين المجرده ...فهمت فيما بعد ان كل عائله لها واحتها الخاصه ....وان باقي الواحتين تابعتين لاهل العمومه......
فرحت كثيرا بما رايت......لم استطع في البدايه ان اقول اكثر من سبحان الله.............شيء جميل
جاء الاهل هناك للتسليم على القادم من بلاد الاقصى .......بلاد الاسراء والمعراج......كانوا يسلمون علي وعيونهم تبكي.....كان السائق يتفاخر باحضاري الى هناك كما لو انه جاء بصيد يعجز عنه اي شخص هناك.......
ظل رفيقي طوال الوقت......كان يعمل على حمايتي كما لو انني كنت في عهدته........
استقبلوني اجمل استقبال ......تعجز كلماتي ربما عن الوصف......شعرت فعلا انني بين اهل او اكثر.....
اسرعوا بذبح احد الخراف من اجلي........كان دخان الفرن القديم يصل الى السماء.....انه الطابون.....
الدخان العالي والكثيف .....ربما ان وقت اشعال الطابون لم يكن مألوف للناس من حولهم.....او ان توقيته كان غير مناسب.....لان وقته كان فقط في الصباح الباكر جدا جدا ....على منظرورائحة الدخان جاء الزوار من الواحات المجاورة.....شعروا ان هناك ضيف .....جائوا ليرحبوا ويتعرفوا......
لم اجد بينهم من هو الطف من الآخر........كلهم رجال.....لطيفين مضيافين ....نفوسهم عزيزة جدا......
النساء كانت ترحب بوجودي من بعيد فقط......البعض منهن فقط اقترب للسلام........البنات كانوا اكثر جرأة ......كانوا يتلككون دائما لكي يقتربوا مني ويتحدثون معي......جمال طبيعي لا يوصف.......
في المساء ....اخذوني في رحلة صيد.....صيد جميل وغريب ولم اسمع به من قبل......لقد كان صيد العقارب.....
لقد كانت مهنه ربما......لان ثمن العقرب الواحد في ذلك الوقت كان يساوي نصف دينار.......كانوا يبيعونه لوزارة الصحه.......من اجل الابحاث والادويه من ناحيه ومن اجل تجنب الكوارث التي تتسبب بها العقارب في تلك البلاد......لدغة العقرب كانت تعني الموت المباشر...كما انها كانت تعني ان تبقى حيث انت .....لان الذهاب الى المستشفى يعتبر مضيعه للوقت ربما .....لان عقارب الصحراء ليست كغيرها من العقارب......
لونها اصفر فاتح.....احيانا تكون احجامها غير متوقعه....كبيره جداً...قاتله .....
البسوني واقي العقارب.....جزمه كاوتشوك كبيرة جداً وطويله......غطاء لليدين من الكاوتشوك ايضاً.....
كانوا يبحثون عن العقارب بين اشجار الصبر او تجمعات الاشواك الكبيره......كان الموعد لظهور العقارب معروف لديهم بشكل جيد.....ما بين الساعه 11ليلاً الى الساعه 2 صباحاً ......هذا هو الموعد او التوقيت حيث تخرج العقارب وتنتشر وتتحرك........كانوا يستعملون ملاقط خاصه ...طويله جداً......كما ان الانارة القوية كانت ضروريه ......
كان الصيد مخيفاً........لانه ليس صيد للطيور او الحيوانات .....صيد غريب او غير عادي......انه تحدي للصحراء وقساوتها.......اللعب مع سموم الصحراء......هذا ما اطلقت عليه ساعتها....
كان احد العقارب ليلتها كبير جدا........سئلتهم .....هل تبيعونه بنفس السعر كما لو انه صغير......
ضحكوا....قالوا عقرب بهذا الحجم ليس للبيع......يضعونه في مرتبان زجاجي كبير ....مليء بالسبيرتو ......
نوع من الذكريات ....او الفخر.....صيد كبير.....رايت عندهم في البيت الكثير من المرتبانات الكبيره الممتلئه بالسبيرتو وبداخلها عقارب ضخمه........
الاستحمام كان اجمل ما رايت......اعطوني سطل من الماء من بئر البيت مع قطعه صابون من الصنع البيتي ....كان الحمام وراء البيت بجانب شجرة زيتون.....حمام في العراء.......تلككت في البدايه.....الا انني تاقلمت سريعا مع شجرة الزيتون وسطل الماء.......
اختاروا لي مكان النوم في منطقه مرتفعه من الغرفه الوحيده والكبيره جدا......او ما كانوا يسمونها الديار العربي.....
كما لو انه كان رف .....او جزء من طابق ثاني موجود في داخل تلك الغرفه......لحمايتي من عقارب الصحراء .....
رايت في تلك الغرفه الكبيره.....الروزنه ....حيث انها تستعمل لادخال ضوء القمر الى تلك الغرفه....كما ان العاشقين كانوا يستخدمونه في احيان كثيره للجلوس او السمر....هناك الكثير من قصص العاشقين تتحدث عن هذه الروزنه........رايت المشكاه....جميله جداً....سمعت عنها في القرآن الكريم ........جميل جدا ما رايت .......
ذهبت للنوم في تلك الليله.....ربما عند الفجر او بعده بقليل.....كنت سعيد جدا بوجودي هناك....لا اريد النوم... مع العلم ان التعب قد هدني في ذلك اليوم....الا ان المتعه قد طغت على التعب والحر ......
البسومي ملابسهم الخاصه بالنوم .....انها مثل دشداشه لونها ابيض يميل الى الصفار الخفيف......
لم تعجبني كثيرا او انني لم اكن متعود عليها....لكنها تصلح لان تكون ملابس جيده للنوم ........
تركوني على راحتي في النوم ....قمت من نومي الساعه 8 صباحاً تقريباً على اصوات الحمير وباقي انواع الدجاج والحيوانات .....ذهبت الى البئر القريب من البيت لكي اغسل وجهي.......كان الفطور بانتظاري .....
اجمل ما رايت ....لم يكن فطور عادي.....لم يكن كونتيننتال او غيره.......
انما كان صحن كبير جدا من الزبده التي استخرجوها في تلك الساعه من الماعز الموجود حول البيت....كان ما يزال ساخن بشكل طبيعي ....رغيف كبير جدا من الطابون .....كأس كبير من الحليب الطازج....3 بيضات دجاج بلدي احمر وليس اصفر... نيئه ........
كان لذيذ جدا وغريب علي.....لكني استمتعت به على اجمل ما يكون..............
اخذوني بعد الفطور في رحله الى الواحات المجاورة على ظهر حمار.........الحمار في الصحراء ...كما لو انه مرسيدس ......لا داعي لان تقوده الى وجهتك......يبدو انه مبرمج للسير هناك.......اذا ركبته في الصباح الباكر...فانه سوف ياخذك الى بئر الماء.....وهكذا....لقد تبرمج على توقيت المشاوير.....
رايت وانا في طريقي الى الرحله بئر كبير جدا.....فارغ ومهجور......قالوا انه مهجور منذ زمن طويل ....لان الماء عندنا شحيح.....كما انه من الخطر الوصول الى قاعه.....ربما بسبب عدم توفر الهواء او بسبب الغازات الناتجه من الفطريات هناك....حيث تكون سامه على الانسان......توقفت قليلا لكي انظر في داخل البئر.....لقد رايت حيوانات ميته او بقاياها......كما انني رايت دراجه هوائيه ....ربما سقطت من احد الاولاد ولم يتجرأ احد على الوصول اليها....كما رايت ايضا كرة قدم مهترئه بسبب الحر والزمن......تململت قليلا وقلت لهم....اعطوني حبل طويل.....نظروا الي باستغراب.....لماذا....قلت لهم انا سوف انزل الى هناك.....حاولوا ان يمنعوني.....رفضت بشده.....قلت لهم انتم سوف تكونون معي.....وان شعرت بسوء او باختناق ....سوف اقول لكم....وتسحبون الحبل......ربطت نفسي جيدا بالحبل الطويل بعد ان عملت منه مقعد ......بدأت بالنزول.....فعلا كانت الروائح قويه جدا....الا انني لم اشعر بخطر على الاطلاق......اخرجت معي كرة القدم والدراجه الهوائيه.......فرح الاطفال هناك
بدانا بلعب كرة القدم على رمال حارة جدا كانت تلسع القدمين .......كانت من اجمل ما يمكن ان يوصف.........
في ذلك الوقت لم افكر في موضوع رحلتي التي كانت من المفروض ان تستمر الى الجنوب اكثراو انني قد الغيتها من تفكيري ....اقتنعت بان هذه الرحله كانت تكفي ...وانني سوف ابقى لمده يومين او ثلاثه ....ثم اعود من حيث اتيت..........فعلا بقيت هناك ثلاثة ايام ......كانت من اجمل واحلى ثلاثة ايام عشتها او سمعت بها......كانت جلسات المساء مع الاهل والزوار جميله جدا......اتى لزيارتي بعض الثوار من الزمن الغابر .....كانوا يعلقون النياشين التي حصلوا عليها من الحكومه بعد الاستقلال ....كانوا يتباهون بها امامي....اخذوا معي الكثير من الصور الفوتوغرافيه ...كما لو انني صلاح الدين الايوبي.....احبوني لاني من رائحه الاقصى والنضال......سمعت منهم العديد من القصص حول النضال التونسي في فترة الاحتلال الفرنسي.....سمعت بعضاً من القصص الحقيقيه ....غير تلك الموجوده في كتب التاريخ المزور ....او الذي كان مبالغ فيه كثيراً او انه كان مندفعاً باتجاه مصالح بعض الجهات او الاسماء....
غروب الشمس.....كنا ننتظره بفارغ الصبر لكي ننطلق الى الصحراء .....رحله صغيره وجميله على الحمير.....
وسط الصحراء كان جميل جدا ....كما لو انه عذراء ......لم يصل اليها انسان.......كما لو انها وسط البحر....لم اجد فرقا بين الحالتين......السكون والهدوء والوحشة المخيفه احيانا ...رايتهم او شعرت بهم في وسط البحر والصحراء ...
كان الوداع صعبا جدا ......بكوا جميعا على عودتي ......استحلفوني بالله ان اعود اليهم حين استطيع ذلك......حملوني الكثير من الهدايا .....مثل الخبز والبيض .....والحلويات البيتيه اللذيذه.........
لم اعد اليهم مرة اخرى .....لم اتمكن او ان الوقت لم يسمح لي ربما او انني اشغلت نفسي بعدها بكثير من المواضيع ....الا انني احببت تلك البلاد والمنطقه .....وما زالت زيارتهم في خيالي الى يومنا هذا ......ما زلت اذكرها بكلماتها واسمائها تقريباً......
شكرا

No comments: